علاء الصياد: التحول الرقمي ليس مجرد تحديث تقني بل إعادة هيكلة فكرية لمستقبل الدول
أكّد علاء الصياد، رائد أعمال في التحول الرقمي، أن التحول الرقمي لم يعد رفاهية أو خيارًا ثانويًا، بل أصبح أحد المحاور المركزية لإعادة صياغة مستقبل المجتمعات والمؤسسات، مشيرًا إلى أن الرقمنة لا تعني فقط التحول من الورق إلى الشاشة، بل تحوّلًا في طريقة التفكير، والحوكمة، وبناء القيمة من خلال التقنية.
وقال الصياد في تصريح له إن التحول الرقمي الحقيقي لا يبدأ من الأنظمة والبرمجيات، بل من القرار القيادي الواعي، ومن وجود رؤية واضحة تتعامل مع الرقمنة كمسار تنموي طويل الأمد. وأضاف: "ما نحتاجه ليس سباقًا نحو التطبيقات والمنصات، بل مشروعًا وطنيًا متكاملًا يؤسس لعلاقة جديدة بين الدولة والمواطن، وبين القطاعين العام والخاص، عبر بنية رقمية فكرية وتنظيمية رشيدة."
وأوضح الصياد أن من أكبر الأخطاء الشائعة في فهم التحول الرقمي هو حصره في البنية التحتية أو التعاقدات التقنية، مؤكدًا أن التحدي الأكبر يكمن في فهم كيف يمكن للتقنية أن تُوظَّف لحل مشكلات حقيقية، وتقديم تجربة إنسانية متقدمة، ترتكز على البساطة والسرعة والشفافية.
وتابع الصياد قائلاً: "في الوقت الذي تتسابق فيه الدول لتبني أدوات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، علينا أن نسأل أنفسنا: هل نمتلك نموذجًا معرفيًا متكاملًا لإدارة هذا التحول؟ هل لدينا رواية رقمية تعكس هويتنا الثقافية والاجتماعية، أم أننا نعيد استيراد النماذج الغربية دون مواءمة؟".
وأشار إلى أن المستقبل سيكون ملكًا لمن يُحسن استخدام التقنية في بناء الثقة، وتوثيق الهوية، وخلق تجربة متكاملة للمواطن والمستفيد، مؤكدًا أن ذلك يتطلب الاستثمار في العنصر البشري، وتوطين المعرفة، وإطلاق مبادرات ومشاريع تتفاعل مع المجتمع لا تُفرض عليه.
وأضاف الصياد أن هناك حاجة ماسّة إلى إعادة تعريف العلاقة بين "المحتوى" و"التحول الرقمي"، خاصة في القطاعات الثقافية والترفيهية والتعليمية، حيث لا يكفي نقل المحتوى إلى منصة رقمية، بل يجب إعادة تصميمه ليتفاعل ويُلهم ويُؤثر، مؤكدًا أن التوثيق الرقمي التفاعلي هو أحد أبرز محاور القوة الناعمة في العصر الجديد.
كما دعا إلى ضرورة أن يكون هناك مركز وطني مستقل يعنى بقيادة التحول الرقمي ثقافيًا ومجتمعيًا، ويتجاوز مجرد التحول الإداري والخدمي، معتبراً أن الرقمنة بدون منظومة تحكمها قيم واضحة، وتوجهها قيادة استراتيجية، ستتحول إلى عبء لا إلى ميزة.
واختتم الصياد تصريحاته قائلاً: "التحول الرقمي هو معركة وعي قبل أن يكون مشروعًا تكنولوجيًا. من يكسب هذه المعركة اليوم، سيملك الغد. وأدعو جميع العاملين في القطاعات الحكومية والخاصة إلى التعامل مع الرقمنة كأداة للنهضة لا كواجهة حداثية، والبدء من حيث تبدأ الجدوى: من المواطن والإنسان أولًا."