اصدر الدكتور محمد حسين استاذ الادارة بجامعة لندن بيانا تحليليا حول احداث حريق سنترال رمسيس موضحا رؤيته الإدارية كخبير دولي في الإدارة حول كيفية التعامل مع الازمات

 اصدر الدكتور محمد حسين استاذ الادارة بجامعة لندن بيانا تحليليا حول احداث حريق سنترال رمسيس موضحا رؤيته الإدارية كخبير دولي في الإدارة حول كيفية التعامل مع الازمات وجاء نص البيان كالتالي : 


بيان من الدكتور محمد حسين سمير 

أستاذ الإدارة وخبير التغيير والتطوير المؤسسي 

نحو يقظة مؤسسية شاملة: دروس استراتيجية من حريق سنترال رمسيس

في ظل الحادث المؤسف الذي شهده سنترال رمسيس، والذي انعكس على جزء من البنية التحتية الرقمية الحيوية للدولة، نعيد التأكيد على حقيقة جوهرية: الإنسان المصري كان – ولا يزال – هو بطل الحكاية، لكنه لم يُخلق ليبقى وحده في ميدان المواجهة، بل ليستند إلى منظومة مؤسسية رشيدة تُحسن التقدير، وتُتقن الاستعداد، وتنهض على التخطيط الاستباقي. 

لقد تابعت المشهد كخبير في الإدارة والتحول المؤسسي، وبعين تعتبر الأزمة اختبارًا حقيقيًا لمستوى الجاهزية المؤسسية، وقدرتها على الحفاظ على الاستقرار في زمن اللايقين. ومن منطلق الإيمان بأن التحليل المسؤول هو أساس الإصلاح الحقيقي، أضع بين أيديكم هذا التقييم: 

✅ النقاط الإيجابية التي تستحق الإشادة والتعزيز: 

1. شجاعة رجال الحماية المدنية واستبسالهم الميداني في احتواء حريق شديد التعقيد، عكس جاهزية بشرية عالية وتفاني وروح معنوية عالية وجلد مبهر رغم التحديات.

2. تكاتف المواطنين مع بعضهم ممن لم يتوافر معهم سيولة ليؤكدوا مرة اخري روعة معدنهم وسرعة تفاعلهم بوعي ومسؤولية، ما يعكس نضجًا وطنيًا يستحق أن يُبنى عليه في حالات الطوارئ المستقبلية.

3. تجاوب سريع من الجهات التنفيذية في تأمين الخدمات البديلة وتقليل زمن الانقطاع، بالرغم من محدودية الأدوات المتاحة.

4. مرونة ملحوظة من القطاع المصرفي عبر اتخاذ إجراءات تيسيرية فورية لتخفيف أثر تعطل خدمات الاتصالات

5. استجابة إعلامية مسؤولة ساهمت في الحد من انتشار الشائعات وطمأنة الرأي العام.

6. قدرة بعض المؤسسات الخدمية (تعليم، صحة) على العمل بخطط بديلة رغم التحديات التقنية.

7. وجود قدر من التكامل بين بعض الجهات التنفيذية في الساعات التالية للحادث.

⚠️ ملاحظات جوهرية تتطلب إعادة النظر في العمق المؤسسي: 

ما حدث يؤكد القصور المؤسسي في التنبؤ وإدارة المخاطر الفنية والوقائية، لا بوصفه إخفاقًا آنيًا، بل نتيجة تراكمية لغياب الرؤية الشمولية والاستباقية. 

الاعتماد المفرط على مركزية البنية التحتية دون وجود بدائل فورية فعالة، يكشف عن هشاشة استراتيجية ينبغي معالجتها جذريًا. 

غياب كيان وطني مستقل متخصص لإدارة الأزمات الرقمية والتقنية أدى إلى تشتت القرارات وتأخر بعض الاستجابات في الساعات الأولى.

🛡️ مقترح استراتيجي: الهيئة الوطنية لإدارة الأزمات والكوارث والتحول المؤسسي 

إن الحاجة باتت ملحّة اليوم لتأسيس هيئة وطنية دائمة لإدارة الأزمات والكوارث، تكون بمثابة مركز ثقل استراتيجي يُعيد هندسة استجابة الدولة للمخاطر المحتملة. 

تشمل مهام الهيئة ما يلي: 

رسم سيناريوهات استباقية متعددة لكل نوع من أنواع المخاطر (طبيعية، فنية، رقمية، سيبرانية، بنيوية...). 

قيادة منظومة الإنذار المبكر وربطها بجميع القطاعات الخدمية والأمنية. 

إجراء محاكاة دورية وفرض اختبارات جاهزية إلزامية للجهات الحكومية وشركات البنية التحتية. 

دمج الذكاء الاصطناعي والتحليل التنبؤي في نظم المراقبة والتقييم.

🌐 مقترحات لتطوير منظومة الاتصالات والبنية الرقمية: 

1. تمكين شركات الاتصالات من امتلاك بنية تحتية مستقلة ولا مركزية، عبر سن تشريعات تنظيمية مرنة تُحقق التوازن بين الأمن القومي والمرونة التشغيلية وتكفل للدولة دخل عن طريق امتلاكهم سنرالات خالصة في اماكن متفرقة لخدمات الانترنت .

2. تطوير بنية الاتصالات إلى نموذج "العقد المتوزعة" (Decentralized Nodes)، لامتصاص أي فشل مفاجئ في مراكز البيانات الرئيسية.

3. تأسيس مركز تحكم وطني ذكي موحّد للبنية الرقمية، يعمل على مدار الساعة، بإشراف فني وتشغيلي مشترك بين الدولة والقطاع الخاص.

4. إعادة هندسة نظام الصيانة الوقائية وإدارة الأصول من خلال تقنيات إدارة دورة الحياة (Lifecycle Management).

وختاما: 

إن ما حدث ليس مجرد حادث عارض، بل مؤشر حيوي على حتمية الانتقال من منطق "الاستجابة" إلى ثقافة "الاستعداد الممنهج". لقد أثبت الشعب المصري ومؤسساته قدرتهم على الصمود، لكن المطلوب اليوم هو ترسيخ نهج الإدارة الرشيدة، القائمة على الرؤية، والتنظيم، والتكامل بين الدولة والمجتمع والقطاع الخاص. 

ليس المطلوب فقط إصلاح ما تهدّم، بل إعادة صياغة المنظومة التي تُدار بها الأزمات، لنؤسس معًا لمرحلة جديدة من الحوكمة الذكية والاستقرار المؤسسي العميق. 

حفظ الله مصر وحفظ قيادتها واستقرارها وأرضها وسماءها نيلها وبحورها وشعبها الأبي الكريم الملهم الذي هو مصدر الفخر دائما وأبدا 

د محمد حسين سمير 

| #إصلاح_مؤسسي | #مصر_الرقمية | #إدارة_الأزمات | #الحوكمة | #التحول_الذكي | #رؤية_استراتيجية #د_محمد_حسين / #ادارة_التغيير

إرسال تعليق

أحدث أقدم