بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
رئيس قسم الأدب ✍🏻
في مشهدٍ إعلاميٍ يموج بالبرامج السطحية والخطابات المجتزأة، يطل علينا النائب نافع التراس بحلقة جديدة من برنامجه التلفزيوني "المواطن والمسؤول" ، حاملاً معه رؤيةً مختلفةً وأسلوباً مميزاً يجسد جوهر التواصل الحقيقي بين الشعب وممثليه .
إن هذا البرنامج ليس مجرد حلقة تلفزيونية عابرة ، بل هو محاولة جادة لإعادة تعريف العلاقة بين المواطن والمسؤول ، وتحويلها من علاقة بيروقراطية باردة إلى شراكة حية قائمة على الحوار والمساءلة والتفاهم المتبادل.
يتميز برنامج النائب التراس بأنه يتحول إلى "همزة وصل" حقيقية ، حيث يخلق مساحة آمنة وشفافة للنقاش الموضوعي. فهو لا يقدم خطابات أحادية الجانب، بل يفتح الباب أمام المواطنين لعرض قضاياهم ومشكلاتهم بشكل مباشر، بينما يلتزم المسؤولون بالاستماع والرد والتفاعل .
هذا النموذج النادر في الإعلام السياسي العربي يعيد الثقة في قدرة المؤسسات على التواصل مع الجمهور، ويذيب الجليد الذي تراكم عبر سنوات من الانفصال بين صنّاع القرار والمواطنين.
ما يبدع فيه التراس بشكل خاص هو قدرته على الموازنة بين دور النائب الحزبى الممثل للشعب ، والمقدم الإعلامي الموضوعي ، والوسيط الحكيم بين الأطراف المختلفة . فهو لا يكتفي بنقل الشكاوى فحسب ، بل يحلل الخلفيات ، ويطرح الحلول الممكنة ، ويتبع القضايا حتى نهايتها .
هذا النهج الشامل يمنح المواطن شعوراً بأن صوته مسموع ، وأن مشكلته محل اهتمام ، وأن هناك من يتحمل المسؤولية في دوائر صنع القرار.
في زمن تتفشى فيه الشائعات وتنتشر الشكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون آليات واضحة للمتابعة ، يأتي برنامج "المواطن والمسؤول" كمنصة مؤسسية توثّق القضايا وتعطيها الصبغة الرسمية اللازمة لمتابعتها .
إنه يحول الطاقة السلبية للشكوى إلى طاقة إيجابية للحوار البناء ، ويحوّل الاحتجاج العشوائي إلى نقاش هادف يسعى للحلول.
ولا يمكن إغفال البعد التربوي الذي يضفيه البرنامج على المشهد السياسي ، حيث يتعلم المواطن كيفية طرح قضاياه بطريقة موضوعية ، ويتعلم المسؤول كيفية الرد بشفافية ومسؤولية. إنه درس عملي في الديمقراطية التشاركية ، يؤكد أن السياسة ليست حكراً على النخب ، بل هي شأن عام يشارك فيه الجميع .
بكل تأكيد ، يواجه هذا النموذج تحديات كثيرة ، أبرزها مدى قدرة البرنامج على الاستمرار في تقديم حلول حقيقية وليس مجرد وعود ، ومدى تجاوب المؤسسات الحكومية مع القضايا المطروحة . لكن مجرد وجود هذه المساحة يعد انتصاراً لفكرة المساءلة والمشاركة المجتمعية.
في الختام ، إن برنامج النائب نافع التراس يمثل أكثر من مجرد برنامج تلفزيوني ، فهو رسالة أمل تذكرنا بأن التغيير يبدأ عندما نرفع سقف الحوار ، وعندما نؤمن بأن كل صوت مهم ، وكل قصة تستحق أن تُسمع .
في زمن الصعوبات ، تظل الكلمات الصادقة والجهود المخلصة هي الأضواء التي تنير دروب التقدم ، فلتستمر همزة الوصل هذه ، ولتتوسع دائرة الحوار ، لأن مستقبلاً أفضل لا يبنى إلا عندما نتحاور كشركاء في الوطن ، عندما نستمع بقلوبنا قبل آذاننا ، وعندما ندرك أن المسؤولية لا تقع على كاهل المسؤولين وحدهم ، بل هي شرف نحمله جميعاً ، كل من مكانه ، كل بجهده ، كل بإيمانه بأن غداً سيكون أجمل إذا صدقنا النوايا وتحدّينا الصعاب وسعينا معاً ... نحو وطنٍ نستحقه .
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه
