المخرج محمود عيد : رحلة إبداع صنع فيها من القلم رؤية ، ومن الكلمة مشروعاً نهضوياً

 


بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر 

رئيس قسم الأدب ✍🏻


في عالم الإعلام الذي تتداخل فيه الأصوات ، يبرز المخرج محمود عيد كمثال فريد ، يجمع بين حساسية الفنان ووعي رجل الإعلام ، ممسكاً بزمام مبادرتين إعلاميتين متميزتين : مجلة "حكايات الفن" وجريدة "الجمهورية الجديدة". إنها قصة طموح لا ترى في الإبداع حكراً على مجال دون آخر ، بل تصنع من شغف الخبر والتقرير والفن رؤية متكاملة.


🎖️من "حكايات الفن" إلى "الجمهورية الجديدة" : رحلة بناء الرؤية


انطلقت مسيرة محمود عيد من قناعة راسخة بأن "الإعلام رسالة قبل أن يكون مهنة ". وقد جسّد هذه القناعة أولاً عبر مجلة "حكايات الفن" ، التي لم تكن مجلة ترفيهية عابرة ، بل تحولت تحت قيادته إلى منصة ثرية تروي سير المبدعين الحقيقين ، وتكشف عن الجهد الخفي لكواليس النجاح.


فقد اهتمت المجلة بتسليط الضوء على قصص ملهمة ، مثل قصة الفنان محمد الطنطاوي الذي انطلق من ورشة نجارة متواضعة ليصبح صاحب علامة مميزة في فنون النحت باستخدام الخشب. هذه القصص تعكس رؤية عيد التي تبحث عن الجوهر الإنساني وراء الأضواء ، مؤمناً بأن الإبداع الحقيقي ينبع من واقع التجربة والمعاناة والتصميم.


🎯" الجمهورية الجديدة " : مشروع إعلامي طموح


مع انطلاق "جريدة الجمهورية الجديدة" ، انتقل محمود عيد إلى دائرة أوسع ، حاملاً معه نفس الفلسفة التي اعتمدها في "حكايات الفن" ، لكن على مساحة قضايا الوطن الكبرى. لم تكن الجريدة مجرد منصة إخبارية تقليدية ، بل سعت إلى أن تكون صوتاً للبناء والتعمير ، ومرآة عاكسة لمرحلة التحول الوطني التي تشهدها مصر.


ركزت الجريدة على تناول الملفات الاقتصادية والعمرانية العملاقة ، مثل مشروعات المدن الجديدة والعاصمة الإدارية ، انسجاماً مع رؤية مصر 2030 .

لقد قدّمت نموذجاً إعلامياً يجمع بين الموضوعية والعمق ، بعيداً عن الإثارة والصخب ، مساهمة في نشر الوعي وثقافة الإنجاز بين المواطنين . هذا المشروع أكد أن عيد ليس مجرد مخرج ، بل هو صاحب مشروع فكري وإعلامي متكامل.


🎯إنسانية المبدع : القلب الواسع وراء الإنجاز المهني


ما يميز مسيرة محمود عيد هو ذلك القلب الإنساني الواسع الذي لا ينفصل عن إنجازاته المهنية . فنجده يحرص على مشاركة من حوله في أفراحهم ومناسباتهم الشخصية ، كما ظهر في تهانيه الصادقة لملازم أول طبيب زياد علي فهمي بمناسبة تخرجه . هذه اللمسات تكشف عن شخصية متوازنة تؤمن بأن النجاح الحقيقي هو ذلك الممتلئ بالدفء الإنساني والعطاء.


🎯فلسفة إبداعية : صناعة الفرص وعدم انتظارها


تتمحور فلسفة محمود عيد حول مبدأ عملي أصيل : "الفرصة تُصنع ولا تُنتظر" .

وهو مبدأ يطبقه في مسيرته وينشره بين الشباب ، مؤمناً أن العمل في سن الشباب وفي ظل الصحة هو رأس المال الحقيقي للمستقبل. كان يردد أن أي عمل شريف ، مهما بدا بسيطاً ، هو خطوة على سلم المجد ، وأن العيب ليس في طبيعة العمل ، بل في القعود عن العمل وانتظار الفرص.


هذه الفلسفة تتجلى في مقولته المأثورة : "تشتغل بدراعك تاكل عيش ، تشتغل بدماغك تشترى فرن العيش" . وهي حكمة شعبية عميقة تختصر رؤيته للحياة ، القائمة على الجمع بين قوة العمل اليدوي وبراعة العمل الفكري ، لصناعة مستقبل لا يعترف بالمستحيل.


🎯خاتمة : إرث يُحكى وبصمة تخلد


من صفحات "حكايات الفن" إلى أعمدة "جريدة الجمهورية الجديدة" ، تظل رحلة المخرج محمود عيد نبراساً يضيء للقادمين . هي شهادة حية على أن الإبداع حالة متجددة لا تحصر نفسها في إطار ضيق ، وأن التأثير الحقيقي يكون عندما تتحول الموهبة إلى رسالة ، والرؤية إلى مشروع ملموس.


لقد رسم محمود عيد بسيرته لوحة ملهمة ، كان ريشتها إرادة لا تعرف الكلل ، وألوانها عطاء لا ينضب ، وإطارها إنسانيتها الشاملة .

فليكن درسه للأجيال أن الخلود لا يُكتب في سجلات الشهرة وحدها ، بل يُنقش في قلوب من ألهمهم ، وفي مسارات حياة من ساعدهم ، وفي وطن أسهم في بنائه بكلمة صادقة ورؤية ثاقبة. فالعظيم من يترك أثراً طيباً يبقى ، وذكرى جميلة تروى، وحكاية إنجاز تخلد .


سنلتقى إن كان فى العمر بقيه 

إرسال تعليق

أحدث أقدم